لم تزل الشائعةوالإرجاف سلاحًا من أسلحة الحرب النفسية و”الإرهاب الفكري” على مر التاريخ تهاجم بها الجهات العدوانية المتسلطة المجتمعات التي يعتبرونها عدوة لها، أو حتى مجرد منافسة لزلزلتها وخلخلة تلاحمها وبث الرعب وشل التفكير السليم وتوهين التفاف الشعوب حول قياداتها.
والإشاعة كما هو معلوم بث وترويج لأخبار كاذبة كليًا أو في أجزاء منها، البعض منها مدروس ومدسوس لإحداث آثار محددة وأحيانًا تستخدم كبالونة اختبار لدراسة ردة فعل المجتمعات لمتغير ما يُراد استخدامه في إعادة هندسة المجتمعات الإنسانية المعاصرة.
وتبقى الشائعة في جوهرها كما كانت على مر التاريخ معلومات مغلوطة ومضللة عن عمد، لكنها في زمننا هذا وهو دون ريب آخر الزمان وزمن الفتن وجدت في التقنيات الحديثة وخصوصًا شبكة الحاسبات العالمية الإنترنت والاتصالات الإلكترونية المتاحة للجميع والتلفونات الذكية التي تغمر الأسواق والوسائط الإعلامية وبرامج التواصل الاجتماعي على مختلف قدراتها ومستوياتها خير حليف لانتشار شبيه بمقولة المثل العربي انتشار النار في الهشيم.
عانى المجتمع الإسلامي الأول في عهد النبوة من الإشاعات التي كان البعض منها يستهدف شخص رسول الله في وقت الأزمات كما أشيع مثلًا في معركة أحد بعد انكسار المسلمين المؤقت عن مقتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهدف تشتيت المسلمين واستئصال شأفتهم، أو كحادثة الإفك ضد أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق التي برأها ربها من فوق سبع سموات، تلك الحادثة التي تولى كبرها رأس النفاق في المدينة عبدالله بن أبّي بن سلول وتسببت لنبينا -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين بالآلام النفسية المبرحة حتى نزلت فيها آيات تتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لكنها تركت للمسلمين تراثًا وثقافة ومنهجية راسخة في التعامل مع الإشاعات لو التزمناها لتغلبنا على الإشاعات والإرجاف.
أول تلك المناعات الإسلامية ضد الإشاعات هو منهج التثبت (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، ومن التثبت نقد محتوى الأخبار والإشاعات (إذ تلقونه بألسنتكم)، فالأصل أن الإنسان يتلقى الأخبار بسمعه لا بلسانه، ولكن أولئك النفر من الصحابة رضي الله عنهم لم يتناولوا الخبر قبل نزول الوحي بتكذيب الخبر بالنقد الموضوعي فوصف القرآن الكريم عملهم ذاك أنهم تلقوا الخبر بألسنتهم ثم من شدة سرعتهم في نقل الخبر وعدم التفكر فيه كما فعل أبوأيوب الأنصاري وهو يحاور زوجته بموضوعية فيسألها: أكنت فاعلته قالت: لا فأجابها رضي الله عنه فهي خير منك وزوجها خير من زوجك. وتظهر الآية الكريمة أن ليس كل خبر يرقى إلى أن يكون إشاعة فالآية تتحدث عن نبأ، والنبأ هو الخبر الهام المؤثر في حياة الناس، وبعض الأخبار تافهة لا يلتفت لها كمثل ما انتشر مؤخرًا على أحد برامج التواصل الاجتماعي من تحذيرات من تناول أنواع من فاكهة معينة من إنتاج الدولة الفلانية لأن بذرتها فيها بكتيريا.
وصف القرآن الكريم ناقل الإشاعات بدون تثبت ولا نقد موضوعي للمحتوى ودون النظر إلى ما قد تكون أهداف المرجفين من نشر تلك الشائعة بالفسق حتى وإن كان مسلمًا، وفي الحديث الشريف (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما يسمع)، أرسل لي أحد الأفاضل يومًا رابط عن هبوط اضطراري لإحدى طائرات الخطوط الجوية السعودية في الصحراء بين جدة والرياض على أساس أنه حدث بالأمس، بينما الرابط يحمل تاريخ الحادثة في عام 2011م. فلنحي ثقافة الإسلامي مع الشائعة من التثبت من مصدر المعلومات في كل ما يصلنا بأنظمة التواصل الاجتماعي ومن ناحية النقد الموضوعي للأخبار خصوصًا من قبل أهل التخصص في المجالات المختلفة، ولنفكر مليًا فيما يراد بنا من مكر من وراء تلك الإشاعات، لنكون جديرين بالنظر في الأمور بنور الله.
——————
نقلاً عن المدينة
*****************
الكاتب:أ.د. سامي سعيد حبيب
حملة السكينة
http://www.assakina.com/news/news1/44665.html
والإشاعة كما هو معلوم بث وترويج لأخبار كاذبة كليًا أو في أجزاء منها، البعض منها مدروس ومدسوس لإحداث آثار محددة وأحيانًا تستخدم كبالونة اختبار لدراسة ردة فعل المجتمعات لمتغير ما يُراد استخدامه في إعادة هندسة المجتمعات الإنسانية المعاصرة.
وتبقى الشائعة في جوهرها كما كانت على مر التاريخ معلومات مغلوطة ومضللة عن عمد، لكنها في زمننا هذا وهو دون ريب آخر الزمان وزمن الفتن وجدت في التقنيات الحديثة وخصوصًا شبكة الحاسبات العالمية الإنترنت والاتصالات الإلكترونية المتاحة للجميع والتلفونات الذكية التي تغمر الأسواق والوسائط الإعلامية وبرامج التواصل الاجتماعي على مختلف قدراتها ومستوياتها خير حليف لانتشار شبيه بمقولة المثل العربي انتشار النار في الهشيم.
عانى المجتمع الإسلامي الأول في عهد النبوة من الإشاعات التي كان البعض منها يستهدف شخص رسول الله في وقت الأزمات كما أشيع مثلًا في معركة أحد بعد انكسار المسلمين المؤقت عن مقتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهدف تشتيت المسلمين واستئصال شأفتهم، أو كحادثة الإفك ضد أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق التي برأها ربها من فوق سبع سموات، تلك الحادثة التي تولى كبرها رأس النفاق في المدينة عبدالله بن أبّي بن سلول وتسببت لنبينا -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين بالآلام النفسية المبرحة حتى نزلت فيها آيات تتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لكنها تركت للمسلمين تراثًا وثقافة ومنهجية راسخة في التعامل مع الإشاعات لو التزمناها لتغلبنا على الإشاعات والإرجاف.
أول تلك المناعات الإسلامية ضد الإشاعات هو منهج التثبت (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، ومن التثبت نقد محتوى الأخبار والإشاعات (إذ تلقونه بألسنتكم)، فالأصل أن الإنسان يتلقى الأخبار بسمعه لا بلسانه، ولكن أولئك النفر من الصحابة رضي الله عنهم لم يتناولوا الخبر قبل نزول الوحي بتكذيب الخبر بالنقد الموضوعي فوصف القرآن الكريم عملهم ذاك أنهم تلقوا الخبر بألسنتهم ثم من شدة سرعتهم في نقل الخبر وعدم التفكر فيه كما فعل أبوأيوب الأنصاري وهو يحاور زوجته بموضوعية فيسألها: أكنت فاعلته قالت: لا فأجابها رضي الله عنه فهي خير منك وزوجها خير من زوجك. وتظهر الآية الكريمة أن ليس كل خبر يرقى إلى أن يكون إشاعة فالآية تتحدث عن نبأ، والنبأ هو الخبر الهام المؤثر في حياة الناس، وبعض الأخبار تافهة لا يلتفت لها كمثل ما انتشر مؤخرًا على أحد برامج التواصل الاجتماعي من تحذيرات من تناول أنواع من فاكهة معينة من إنتاج الدولة الفلانية لأن بذرتها فيها بكتيريا.
وصف القرآن الكريم ناقل الإشاعات بدون تثبت ولا نقد موضوعي للمحتوى ودون النظر إلى ما قد تكون أهداف المرجفين من نشر تلك الشائعة بالفسق حتى وإن كان مسلمًا، وفي الحديث الشريف (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما يسمع)، أرسل لي أحد الأفاضل يومًا رابط عن هبوط اضطراري لإحدى طائرات الخطوط الجوية السعودية في الصحراء بين جدة والرياض على أساس أنه حدث بالأمس، بينما الرابط يحمل تاريخ الحادثة في عام 2011م. فلنحي ثقافة الإسلامي مع الشائعة من التثبت من مصدر المعلومات في كل ما يصلنا بأنظمة التواصل الاجتماعي ومن ناحية النقد الموضوعي للأخبار خصوصًا من قبل أهل التخصص في المجالات المختلفة، ولنفكر مليًا فيما يراد بنا من مكر من وراء تلك الإشاعات، لنكون جديرين بالنظر في الأمور بنور الله.
——————
نقلاً عن المدينة
*****************
الكاتب:أ.د. سامي سعيد حبيب
حملة السكينة
http://www.assakina.com/news/news1/44665.html